الرفض القاطع لمشروع إلغاء الطائفية السياسية في لبنان.بقلم الدكتور بيار يونس، عضو المجلس السياسي في حزب الوطنيين الأحرار
في ظل الطروحات الأخيرة المتعلقة بإلغاء الطائفية السياسية، والتي تجلّت في اقتراح رئيس مجلس النواب لمشروع قانون انتخابي يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة، نؤكد رفضنا لهذا النهج الذي يتناقض مع طبيعة التعددية التي قام عليها لبنان، ويشكل تهديدًا مباشراً للتوازنات التي تضمن حقوق المكوِّنات اللبنانية كافة، وخصوصاً المسيحيين.
إن إلغاء الطائفية السياسية في ظل هيمنة ديموغرافية وسياسية معينة، ومن دون وجود ضمانات دستورية بديلة، يعني فعلياً إلغاء التمثيل الفعلي للمسيحيين وغيرهم من المكوّنات في الحكم، وتحويلهم إلى مجرد أقلية مهمّشة ضمن نظام أكثري يفتقد إلى الضمانات التوافقية. كما أن اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة يعزز منطق الغلبة العددية بدلاً من التشارك، ويُفقِد المسيحيين القدرة على انتخاب ممثليهم الحقيقيين، مما يطيح بمبدأ الشراكة الوطنية الذي تأسس عليه لبنان.
في المقابل، نرى أن الحل الحقيقي لمشكلات لبنان السياسية يكمُنُ في تبنّي اللامركزية الموسعة أو الفدرالية، كما جاء في مشروع حزب الوطنيين الأحرار، الذي يهدف إلى ترسيخ التعددية والعدالة بين المكونات اللبنانية من خلال منح كل منطقة صلاحيات إدارية ومالية واسعة ضمن إطار الدولة الموحدة، ما يعزز الاستقرار السياسي ويؤمن عدالة التمثيل والحقوق لجميع اللبنانيين.
إلى جانب ذلك، نؤكد على أهمية مبدأ الحياد، الذي تضمنته الوثيقة السياسية لحزب الوطنيين الأحرار عام 2021، كركيزة أساسية لإنقاذ لبنان من أزماته. فالحياد يضمن استقلالية القرار اللبناني، ويمنع زجه في صراعات إقليمية ودولية لا تخدم مصالحه، مما يُعززُ سيادة الدولة ويحفظ التوازن بين مكوناتها. إن لبنان، بتاريخه وموقعه، لا يمكنه الاستمرار إلا كدولة حيادية تحافظ على علاقاتها المتوازنة مع الجميع، بعيدًا عن سياسة المحاور التي دمرت اقتصاده ومؤسساته.
بناءً عليه، نؤكد رفضنا لأي طرح يهدف إلى إلغاء الطابع التوافقي للنظام السياسي اللبناني لصالح هيمنة مكوّن واحد، ونتمسك بحل يضمن استمرار التعددية والشراكة الحقيقية، كالفدرالية أو اللامركزية الموّسعة، إلى جانب الحياد، بما يحافظ على لبنان كدولة متوازنة ومستقرة، تحقق العدالة لجميع أبنائها.