“إستقلال بالقَول وبالفعل”
في تصريح للدكتور بيار يونس، عضو المجلس السياسي في حزب الوطنيين الأحرار:
في ذكرى استقلال لبنان، نقف اليوم في لحظة فاصلة من تاريخ وطننا، حيث يمر لبنان بأحلك الظروف وأكثرها خطورة على وجوده وهويته وسيادته.
لقد بات الاستقلال الذي نحتفي به اليوم فارغاً من مضمونه، مغلولاً بسلاسل الهيمنة الخارجية، ومنتهكاً بأيدي من يدّعون النضال من أجله، بينما هم أدوات لتمزيقه واستباحة كرامته.
إن الحرب التي تجري على أرض لبنان بين إسرائيل وإيران ليست سوى وجه آخر للتعدي على سيادتنا الوطنية، حيث تحوّل وطننا إلى ساحة صراع بالوكالة، يدفع شعبه أثماناً باهظة من دمائه وحياته واستقراره.
كيف يمكننا الحديث عن الاستقلال فيما قرار الدولة مخطوف، وسيادتها منتهكة، ومؤسساتها رهينة لأجندات خارجية وداخلية لا تمت للبنان بصلة؟
نحن اليوم أمام قضاء متقاعس عن أداء واجباته، وقوى أمنية متخاذلة، بينما يعاني الشعب اللبناني من سرقة أمواله وتبديد مدخراته على مذبح الفساد والجشع.
كيف يمكن لشعب أن يحتفل باستقلاله وهو يعاني من الجوع والفقر والانهيار؟
كيف يمكننا أن نرفع علم لبنان عالياً ونحن نرى الفساد ينخر عظام دولتنا، والنفاق يلطخ سماءنا، والخيانة تفرغ معاني الحرية والسيادة من محتواها؟
إننا في هذه الذكرى نطلق صرخة حق: الاستقلال ليس مجرد ذكرى نحتفل بها أو علم نرفعه، بل هو نضال يومي من أجل الحرية والكرامة والسيادة.
إن استعادة لبنان من براثن الفساد والاحتلال المقنع تبدأ من محاسبة كل من خان الأمانة، كل من اختلس قوت الناس، وكل من وضع مصالحه ومصالح أسياده فوق مصلحة لبنان وشعبه.
فلنجعل من ذكرى الاستقلال فرصة للتذكير بمسؤوليتنا التاريخية كلبنانيين: مسؤولية إعادة بناء وطن يستحقه أبناؤه، وطن يحكمه العدل والقانون، وطن يكون سيداً حرّاً مستقلاً في قراره، وفي إرادته، وفي مصيره.
لبنان لن يموت، وسينهض من تحت الركام، كما فعل دائمًا عبر تاريخه، ولكن ذلك يتطلب إرادة صلبة ونضالًا صادقًا من أجل استرداد استقلاله الحقيقي، استقلاله الكامل، استقلاله الذي لا يخضع لأي جهة سوى إرادة شعبه.