لبنان باقٍ رغم المطامع والأزمات
بقلم أمين عام حزب الوطنيّين الأحرار المهندس فرنسوا زعتر
منذ ستينيات القرن الماضي ولبنان يُعاني من الاحتلالات المتعاقبة تحت مسميات واشكال مختلفة، فمن حرب السنتين، وفي اساسها الوجود الفلسطيني المسلح الذي كان يطمح للسيطرة على لبنان كوطن بديل عن فلسطين، مروراً بالوصاية السورية على مدى ثلاثة عقود، وصولاً إلى الحرب العبثية الدائرة اليوم والتي يقف فيها اللبناني متفرجاً في الغالب إزاء مصادرة إيران وحزبها لقرار لبنان وسيادته على ارضه…، ما يحدو بنا كلبنانيين الى إعادة قراءة ذاتية متأنية حول الدوافع والأسباب التي تجعل فريقاً يستقوي بالخارج ويقدم ولاءه له على حساب الوطن وأبنائه.
إن فائض القوة عند حزب الله وهيمنته على قرار الدولة، جعله يضرب بعرض الحائط، ليس فقط ما يقوله شريكه في الوطن، بل ومندرجات القرارات الدولية ذات الصلة بالنزاع مع إسرائيل. إنهُ، ومع اندلاع حرب غزّة منذ عام، عمد الحزب إلى حرب المساندة المُعلنة عملاً بوحدة الساحات التي تشغلها ايران. نحنُ طالبنا منذ اليوم الاول للنزاع بفصل ما يجري في غزّة عن الجنوب اللبناني، وبتنفيذ قرار مجلس الامن ١٧٠١ ومن ضمنه القرارات ذات الصلة وبخاصةٍ القرار ١٥٥٩ الذي يلحظ تسليم سلاح الميليشيات كافةً إلى الجيش اللبناني، واليوم، بعد رفض حزب الله تسليم سلاحه، ندعو إلى تطبيق القرار الأممي ١٥٥٩ وإذا اقتضى الأمر تحت الفصل السابع. ولو بعد مؤتمر دولي من اجل لبنان.
لقد عطّلَ تحالف حزب الله انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية على مدى سنتين. فهم يريدون رئيساً بشروطهم ورئيساً يعمل بإملاءاتهم ووفق أجندتهم وإلا فمستمرون في تعطيل هذا الاستحقاق الدستوري الهام. نحن مع إنجاز هذا الانتخاب من خلال فتح الرئيس نبيه بري لأبواب المجلس النيابي والدعوة إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية. الانتخاب بمفهومنا ووفق الدستور لا يجب ان يكون مشروطاً او مقيّداً، أذ ان الرئيس العتيد يجب ان يكون سيادياً إصلاحياً يعمل لمصلحة الوطن وجميع ابنائه دونما ادنى ارتهان للخارج او لفريق في الداخل.
إن حياد لبنان هو مطلبنا منذ البداية. بحيثُ ان الجيش الوطني هو الوحيد المخول بالدفاع عن لبنان وحدوده الشرعية حيث لا سلاح يعلو على السلاح الشرعي. من هنا طالبنا ونطالب بحياد لبنان وابتعاده عن سياسة المحاور، عدا التزامه الرسمي بالتضامن مع قرارات جامعة الدول العربية. واليوم نُكررُ رفضنا القاطع لكل انتشار للسلاح غير الشرعي بما فيه السلاح الفلسطيني، فلا سلاح يعلو على سلاح الجيش اللبناني والقوى الامنية الشرعية، التي هي القوى الوحيدة المخولة حصراً باستعمال القوة المنظمة والدفاع عن لبنان ضمن حدوده المعترف بها دولياً.
تلازماً مع مفهومنا، ندعو ونعمل على تحقيق الإجماع المسيحي والالتفاف حول بكركي، الذي هو ضرورة ملحة ومقدمة لبلوغ الإجماع المرجو بين المكونات السياسية الوطنية كافةً.
لذا نعوِّلُ على اهمية التلاقي واللقاءات الجانبية بين الاطراف كافةً وخصوصا إزاء ما نشهدهُ من إقفال قسري للمجلس النيابي، فهذه من شأنها الدفع باتجاه التوصل إلى حلول او تقاطعات مشتركة حول المواضيع السياسة المطروحة، وبخاصةٍ أننا نجتاز مرحلة شديدة الدقة والخطورة. ناهيك بالوضع الاقتصادي المُعقّد بسبب الحرب المستمرة، كما ووعينا لأهمية الدور الذي يمكن ان يضطلع به المغتربون في مساعدة لبنان.
لقد تسبب النزوح ببعض المشاكل على المناطق المضيفة الآمنة، بدءاً من التعديات على الأملاك الخاصة أو جرّاء بعض الاستفزازات التي نرفضها ونحذر من تماديها. لذا فالمطلوب من القوى الأمنية، مشكورةً، التحرك لمنع هكذا تجاوزات تفادياً لتعكير اجواء السلم الداخلي.
ختاماً نطلب من المؤسسات الدولية لاسيما تلك العاملة في مجال حقوق الإنسان، العمل الفوري للتوصل إلى وقفٍ لاطلاق النار على اساس دخول قوات دولية لمساندة الجيش اللبناني للمثابرة على تطبيق القرارات الدولية، كما وحث المؤسسات الإنسانية الأممية لمساعدة النازحين اللبنانيين، الذين تخطى عددهم المليون نازح، على تدبُّرِ امورهم الحياتية البديهية في أسرع وقتٍ ممكن، وبخاصةٍ بعد غياب اي دعم رسمي مع انهيار مقدرات الدولة.
مع صادق ايماننا بأن الحق يعلو دوماً، ولبنان سيبقى حقيقة مضاءة فوق كل المطامع والصعاب، بإذن الله.