لبنان -مهزلة الترضية -لمن سيؤول؟
بقلم المحامي فؤاد الأسمر
أمين التخطيط والتوجيه في حزب الوطنيين الأحرار
كَشَفَت وثائق وكالة المخابرات المركزية الاميركية CIA ان الولايات المتحدة استعملت لبنان، على مدار العقود الماضية، كجائزة ترضية لاستمالة أعدائها المفترضين.
في العام ١٩٥٨ اتفق الاميركيون، عبر سفيرهم Hare، مع الرئيس المصري عبد الناصر على إسقاط عهد الرئيس كميل شمعون، وانتخاب مرشح المصريين اللواء فؤاد شهاب خلفاً له، واحكام قبضة عبد الناصر على الملف الفلسطيني في لبنان وسوريا.
بعد هزيمة مصر في العام ١٩٦٧ دعمت أميركا مباشرة الفلسطينيين بالتمدّد والتسلّح في لبنان واتخاذه وطناً بديلاً لهم وترحيل المسيحيين عنه، وقد تلقف أبو عمار تلك الجائزة ورَفَعَ شعار “فلسطين تمرّ بجونيه”.
تعاظَمَ خطر الفلسطينيين واعتداءاتهم على الحدود الشمالية لاسرائيل فجرى سحب جائزة الترضية منهم وتحويلها في العام ١٩٧٦ للنظام السوري الذي تولى “ضبضبة” الفلسطينيين والهيمنة على مخيماتهم.
في العام ١٩٩٠، تجددت هبة الأميركيين لحافظ الأسد بالوصاية على لبنان مقابل مشاركته وتأييده لمؤتمري مدريد وأسلو، اللذين أرسيا اتفاق سلام عربي وفلسطيني مع اسرائيلي.
في العام ٢٠٠٥ تغيّرت قواعد اللعبة، ومن جديد جرى سحب جائزة الترضية من اليد السورية واعطائها للميليشيا الإيرانية التي سارت سفينتها وفق ما تشتهيه مصالح العدو خاصة لجهة ضبط الفلسطينيين وتدمير لبنان وترسيم الحدود مع اسرائيل والاعتراف بسيادتها والتنازل لها عن جزء من ثروات لبنان.
من الواضح ان نفوذ الميليشيا الإيرانية وخطرها اليوم باتا شبيهين بالوضع الفلسطيني في سبعينيات القرن الماضي، مع فارق ان الإيراني يحترف فن المقايضة، مما يفرض تغييراً جديداً في اللعبة سواء على مستوى الاتفاق الأميركي- الإيراني أو على مستوى المشروع المقبل.
فهل يتمرد اللبنانيون السياديون، ولو لمرة عبر التاريخ، على كوّنهم مجرد جائزة ترضيّة ويكون لهم دور بالقرار والمصير؟