مَن يُخرِج المسيحيين من عزلتهم السياسية؟
بقلم المحامي فؤاد الأسمر
أمين التخطيط والتوجيه في حزب الوطنيين الأحرار
بعد سنتين من انتخابات العام ٢٠٢٢ النيابية، لا بد من إعادة قراءة ومقاربة الواقع المسيحي المأزوم سياسياً.
فقد توزعت المقاعد النيابية بشكل عام بين ثلث للتيار الحرّ، وثلث للقوات اللبنانية، وثلث لقوى مختلفة من كتائب وأحرار وطاشناق ومردة وشخصيات سياسية ومدنية.
التيار الحر كان متموّضعاً لدى الحزب الإلهي، إنما توّترت علاقته به بفعل تمسك هذا الأخير بفرنجيه رئيساً.
كما وان التيار، الذي فقد عدداً من نوابه، يعاني من صدامات مع مختلف القوى الأخرى، مسيحية وشيعية وسنية ودرزية، مما يضعه بحالة شبه عزلة وطنية.
القوات حافظت على كتلتها، وعززت حضورها في الشارع المسيحي، لاسيما من خلال خطابها السيادي، إنما خسرت غالبية الشارع الشيعي بفعل وقوفها رأس حربة بوجه مشروع الممانعة.
وعلى المقلب السني، رغم علاقاتها الوطيدة بقوى محترمة ممثلة باللواء اشرف ريفي وفؤاد المخزومي، إنما ما تزال تعاني من مقاطعة قوى سنية وازنة لها لأسباب مختلفة، اضافة إلى فتور وتناقض في العلاقة مع الثقل الدرزي، اي الجنبلاطي، مما يجعل القوات أيضاً بشبه عزلة.
فيما الثلث الأخير من النواب مبعثر بين حزب الكتائب الذي يبحث عن هوية وتفاهمات سريالية، وقوى وشخصيات مشتتة، بحيث يتعذر على هذا الثلث كسر العزلة وارساء أسس لانفتاح مسيحي وتلاقي وطني جامع.
المؤسف ان هذه القوى الثلاث، رغم ثقلها الشعبي، وإمساكها بنصف المقاعد البرلمانية والسلطوية، هي عاجزة عن انتخاب رئيس او ملء الشواغر او حتى تسيير أي من المرافق الأساسية لحياة ومعيشة الناس وذلك بحكم عزلتها والأخطر تشتتها لأسباب مختلفة.
الأمر الذي يفرض عليها لزوماً وضع مقاربة جديدة لعملها عبر استراتيجية شبيهة “بجبهة الحرية والإنسان”، تضم مختلف قوى ومرجعيات المجتمع المسيحي دون استثناء، واعتماد رؤية ومشروع يعيدان التواصل والتعاون مع جميع مكوّنات المجتمع اللبناني على قاعدة الثوابت والقيّم التي تأسس عليها لبنان وتفعيل دور وعمل المؤسسات الدستورية.
فهل مِن أمل، أم أننا محكومون بمقولة ارنولد توينبي “الأمم تنتحر ولا تُقتل”؟