اخبار يومية

الرّئيس جوزاف عون في مواجهةٍ لمعركةٍ سياسيّةٍ حاسمةٍ وسطَ تراجعِ النّفوذ الإيرانيّ.

كتبت الصحافيّة “رودا بدر” مقالةً بعنوان : “الرّئيس جوزاف عون في مواجهةٍ لمعركةٍ سياسيّةٍ حاسمةٍ وسطَ تراجعِ النّفوذ الإيرانيّ.”

في خضمّ التّحوّلات السّياسيّة المتسارعة الّتي يشهدها لبنان، بات الرّهان على الرّئيس جوزاف عون كبيرًا أكثر من أيّ وقتٍ مضى. يتساءلُ كثيرون: هل سيستطيع هذا الرئيسُ الشاب والمجتهد أن يقودَ لبنانَ نحو استقرارٍ سياسيّ حقيقيّ؟ وهل سنشهدُ تغييراتٍ جذريّةٍ في توجّهات لبنان الإقليميّة في ظلّ محاولات استعادة لبنان سيادته، وهويّته بعيدًا عن الهيمنة الخارجيّة؟ فيما تلوّحُ في الأفق مشاهدٌ متقلّبةٌ، يظهر المحور الإيراني وكأنّه يلفظُ أنفاسَه الأخيرة في منطقةٍ ظلّ فيها لسنواتٍ طويلةٍ مركزًا للمناورات السياسيّة والتّوتّرات العسكريّة.

*لبنان بين التّحدّيات الداخليّة والتّدخّلات الخارجيّة*

لبنان، كدولة ذات تاريخ طويل ومعقّد في السّياسة الشرق أوسطيّة، يعاني من شروخٍ عميقةٍ ليس فقط على المستوى الدّاخليّ بين الطّوائف، بل أيضًا في علاقاته الإقليميّة والدّوليّة. كانت إيران، عبر أذرعها العسكريّة والسياسيّة مثل “حزب الله”، أحد أبرز اللاعبين في السّاحة اللبنانيّة، حيث كانت تدفع بمصالحها على حساب السّيادة اللبنانيّة. لكن مع تغييرات إقليميّة مثل التقارب العربي – الإسرائيلي، والضغوط الأمريكيّة المتزايدة على إيران، يبدو أنّ المحور الإيراني في لبنان يعاني من تراجع مستمرّ.

*أراء مؤيّدة: الرئيس جوزاف عون فرصة جديدة للبنان*

إنّ أملَ العديد من اللبنانيين في الرئيس جوزاف عون، ينبعُ من قدرته على مواجهة التّحديّات الدّاخليّة، والإقليميّة، بعقليّة سياسيّة براغماتيّة. يعتبر البعض أن عون يمثّل نقطة انطلاق جديدة لمرحلة سياسيّة، تُعيد لبنان إلى محيطِه العربيّ، مستفيدًا من الدّعم الدوليّ والعربيّ، بعد سنواتٍ من العزلة الدوليّة بسبب هيمنة “حزب الله” وعلاقاته مع إيران. هذه الفرصة يمكن أن تكونَ رافعةً للبنان نحو سياسات اقتصاديّة واجتماعيّة أكثر تطورًا، بعيدًا عن الهيمنة الإيرانيّة. ويرى المؤيّدون أيضًا أنّ الرئيس عون، من خلال علاقاته العربيّة وبدعمه لسياسات السّيادة، يمثّل كيانًا لبنانيًا قادرًا على كسر دائرة النّفوذ الإيراني. علاوةً على ذلك، يدعم موقفه السّياسي الإصلاحات الاقتصاديّة التي تمسّ مباشرةً بمعيشة اللبنانيين، وتُعيد إعمار ما دمّرته سنوات من الفساد والإهمال.

*أراء معارضة: التّحديّات على الرئيس جوزاف عون*

في المقابل، هناك من يرى أنّ الرّهان على الرّئيس جوزاف عون في معركة ضدّ النفوذ الإيراني هو رهانٌ محفوفٌ بالمخاطر. فـ”حزب الله” وحلفاؤه في لبنان لا يزالون يشكّلون تهديدًا حقيقيًّا للأجندة السّياسيّة المستقلّة في لبنان. من جهةٍ أخرى، يرى البعض أنّ الضغوطَ الّتي قد يتعرّض لها عون من القوى الكبرى ومن داخل لبنان نفسه قد تعيقه من تنفيذ خطط الإصلاح أو من كسر العلاقة مع المحور الإيراني. يستند المعارضون إلى الواقع السّياسيّ المتشابك في لبنان، حيث لا يمكن للمرءِ أن يتجاهلَ حجمَ النّفوذِ الّذي ما زال “حزب الله” يحتفظُ به على مستوى السّاحة السّياسيّة والعسكريّة. كما أنّ الكثير من القوى السياسيّة اللبنانيّة تستفيد من تحالفات إيران، ممّا يجعل المهمّة أكبر من مجرّد خطوة ضدّ فصيل سياسيّ أو حزبيّ؛ إنّه يتعلّق بتغيير ميزان القوى في لبنان بشكل جذريّ، وهو أمرٌ قد يصطدمُ بعقباتٍ كبيرةٍ.

*لبنان بين التّحديّات الاقتصاديّة والنّفوذ الإقليميّ*

لا يمكن النّظر إلى الرّهان على الرّئيس جوزاف عون في سياقٍ سياسيّ فحسب، بل يجب أن يتوازى مع الواقع الاقتصاديّ الذي يعيشه لبنان. كيف يمكن لهذا الرّئيس أن يتّخذَ قراراتٍ حاسمةٍ مع الوضع الاقتصاديّ المتدهور؟ وهل يمكنه النّجاح في تبنيّ سياساتٍ اقتصاديّةٍ إصلاحيّةٍ دونَ أن تتعارضَ هذه السّياسات مع مصالح القوى الإقليميّة الّتي لا تزال تسعى للهيمنة على لبنان؟ في ظلّ هذا المشهد، تبدو المهمّة صعبةً، ولكن ليست مستحيلةً.

*هل حقًا انتهى دور المحور الإيرانيّ في لبنان؟*

السؤال الكبير الذي يطرحه الجميع في نهاية المطاف هو: هل حقًا تراجع دور المحور الإيرانيّ في لبنان على شفا النهاية؟ أم أنّ نفوذه قد يتشكّل بشكل جديد، يواكب التغيّرات الإقليميّة والتوازنات الدوليّة؟ هل يمكن للرئيس جوزاف عون أن يتصدّى لهذا النفوذ بشكلٍ حاسمٍ، أم أنّ الضغوطَ الإقليميّةَ والعواملَ الدّاخليةَ ستجعلُ من تحقيق هذه الأهداف حلمًا بعيد المنال؟

‘رودا بدر’

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *