هل كُتب علينا أن نشهدَ مصرع النّخبة على مذبح الهمجيّة؟
كتبت الصحافيّة رودا بدر في الأحرار نيوز : هل كُتب علينا أن نشهدَ مصرع النّخبة على مذبح الهمجيّة؟
أتأبّط الألم أملًا في الّذي يأتي ولا يأتي، تموج أناملي بما تبقّى لي من إصرار كاد يتخلّى عنّي. هل كُتب علينا أن نشهدَ مصرعَ النّخبة على مذبح الهمجيّة؟
قلمي نفد صبره، ولم يعدْ يحتمل ما يدور من حوله، نحن أبناء ثقافة الحياة، فلماذا تتحكّم بنا ثقافة الموت؟
علت صيحات جمهور الممانعة وارتفعت الأعلام الصفراء في حرم المطار أمس، لأنّ خليفة هوكشتاين مورغان اورتاغوس، شكرت من قصر بعبدا اسرائيل على هزيمة حزب الله، فبدل أن يهاجمَ مناصرو الممانعة الموفدة الأميركيّة عمدوا إلى مهاجمة رئيس الجمهوريّة. وكأنّ الرئيس جوزاف عون هو الذي أملى عليها هذا الكلام. وهذا الأمر مرفوض وينافي الحقيقة الّتي يدركها الحزب وهي هزيمة حزب الله.
وبينما لا تزال الحكومة رهينة السجالات، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من تكليف الرئيس سلام لتشكيلها، ها هي إسرائيل، من جهتها، تسعى للبقاء في لبنان بحجّة أنّ مهمّتها لن تنتهي قبل القضاء على “حزب الله” المسلَّح، الذي لم يلتزم بعد بالتراجع إلى شمال الليطاني ولم يباشرْ بتسليم سلاحه، وفقًا للقرار ١٧٠١ الذي يتضمّنه اتفاق وقف إطلاق النار.
كما ويصرّ “حزب الله” على مواصلة ما يعتبره دوره العسكري، متنكّرًا للهزيمة، وهو يدرك أنّ تمسكه بسلاحه بات مشكلة لبنانيّة داخليّة، قبل أن تكون إقليميّة أو دوليّة، وفق ما صرّحت المبعوثة الأميركية الجديدة التي وضعت خطوطًا حمراء واضحة على مشاركة “حزب الله” في الحكومة.
وبالتالي يصرّ الطرفان، إسرائيل و”حزب الله”، كلٌّ من موقعه، على لعب دور سلبيّ ومدمّر يُهدّد بإشعال حرب جديدة، في وقت ما زال لبنان يرزح تحت تداعيات الحرب الأخيرة، من إعادة إعمار وإعادة النازحين إلى بلداتهم.
أمّا داخليًّا، فما زال الرئيس المكلّف نواف سلام يتابع استشاراته في أمر حكومة العهد الأولى المنتظرة لتكون عند حسن ظنّ اللبنانيين، وتنال ثقة مجلس النواب، ويبدأ العهد الجديد الذي وعدنا به رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون في خطاب القسم .
وايضا، تواجه مشاركة الثنائي “حزب الله” وحركة أمل في الحكومة بمعارضة واسعة من اللبنانيين، الذين يحمِّلون الثنائي مسؤوليّة توريط لبنان في الحروب واحتكار التمثيل الشيعيّ. كما أنّ سياسات الثنائي تتنافى مع التغيير الذي يُفترض أن يُجريه العهد الجديد لمحاربة الفساد والمحسوبيّات، وتتعارض مع عمل الحكومة العتيدة المطلوب منها تنفيذ القرارات الدوليّة .
وبذلك يبقى لبنان أسير المماطلة السياسيّة والخلافات الإقليميّة. ومع كلّ تأخير في تشكيل الحكومة، يدفع اللبنانييون الثمن الأكبر، وسط أزمات اقتصاديّة واجتماعيّة خانقة، لن تُحلّ إلا بخروج لبنان من قبضة المصالح الضيّقة والانفتاح على الحلول الوطنيّة الحقيقيّة.
على دفتر الدولة سحبٌ متمخّضة بالاصفرار ، والشعب اللبناني له الحقّ في وطن يأويه ويكون له طوق نجاة. نتحسّس النور ونطالبه بدهشة الحياة، وعلى خطى الرجاء نسير بنداء أزلي، أبدي، سرمدي : لبنان كان ، يكون وسيكون …